وليد بوعديلة ـ بلا دبابة..فرنسا تحتل الجزائر؟؟
بواسطة 2018-10-12 00:17:51

د.وليد بوعديلة
قد يكون عنوان هذه الورقة مستفزا لكل جزائري ،وطني، حر، نوفمبري، لكن بعد تتبع فكرتنا قد يعيد معنا ما قلناه، وربما أصابه القولون العصبي أيضا، او قد يدخل في دوامة كبيرة من الأسئلة المحرقة التي تتعب الذهن و الجسد.
دوقول يعود إلينا بلباس ناعم؟؟
ونحن نقصد باحتلال فرنسا للجزائر معنى الاحتلال الثقافي واللغوي، بعد أن فعلت فعلتها في الاقتصاد و التجارة والسياسة ،و رسّخت حضورها في الموانئ و المطارات و قطاعات السكن والعمران والمستشفيات...؟؟
فالزعيم الفرنسي دوقول عاد من جديد، من دون لباسه العسكري بل بلباس باريسي جميل ناعم، ولسنا ندري أين هي المواطنة اللغوية الجزائرية ببعديها العربي والأمازيغي؟ فلا هي في لسان الوزراء الذين يتحدثون باسم جزائر الشهداء في المحافل الدولية، فهم يخاطبون العالم باللسان الفرنسي في كل مرة، حتى في الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث تكون لغة الخطاب عند ممثلي الدول من علامات السيادة السياسية....
و لا المواطنة حاضرة عندما يأتينا الضيوف من دول العالم ، ويخاطبهم مسؤولونا ( ..هل هم مسؤولونا؟؟) بلسان فرنسي، أمام كاميرات القنوات الفضائية، وكأننا ندافع عن فرنسا ونترجاها لتعيد احتلالنا؟؟
ولا تحتاج فرنسا لا للصواريخ ولا للدبابات ولا للجيوش العظيمة، لتكون بيننا وتحتل الأرض الجزائرية الطاهرة، لأنها تحتلها لغويا، ومن هذا الاحتلال تواصل مسيرة تجديد العودة، وما على من يزعجه هذا الكلام إلا مشاهده اللافتات الموجودة فوق المحلات والمراكز التجارية عبر شوارع مدننا الجزائرية، حيث اللغة الفرنسية في كل مكان ولا اثر للغة العربية أو المازيغية؟؟
ولنبحث عن راهن المنشآت والتجهيزات التي تقدمها مؤسساتنا الجامعية لأقسام اللغة العربية والمازيغية والتاريخ والحضارة لنعلم قيمة التزامنا بالدستور وقيمة هويتنا و من ثمة قيمة أنفسنا ؟؟ فكيرا ما نجد السخرية و الاحتقار تجاه المشرفين على تلك الأقسام وأساتذتها وطلبتها، والغريب أن المسؤولين المركزيين في جامعاتنا لا يعلمون أنهم بهذه المعاملة والطريقة في التسيير والتعامل مع تلك التخصصات هم يحتقرون أنفسهم وتاريخهم وشهداءهم من غير أن يعلموا؟؟
وقد يعلم فيهم من عرف كيف تتعامل الدول المتحضرة المتقدمة مع تخصصاتها المرتبطة بلغتها وتاريخا ورجالها الذين ماتوا لتحريرها. ومن يعلم ولم يطبق التفكير والفعل الأوربيين، يكون قد تمتع برحلاته الأوربية دون ان يستفيد في الإدارة و الحكامة في تسيير الجامعات؟؟؟
شوارع الشهداء أم باريس؟؟
ورغم النشاط الكبير الذي يقوم به المجلس الأعلى للغة العربية برئاسة الدكتور اللساني الكبير صالح بلعيد، فإن المجلس مطالب بتقديم موقفه حول تراجع حضور العربية في لافتات المحلات والمراكز و الإدارات، وكذلك في الوثائق الإدارية في المؤسسات المالية و البنكية، ونتمنى من الدكتور بلعيد أن يقيم اتفاقية مع وزارة الداخلية تتضمن فرض غرامات على كل من يخالف مواد الدستور وعناصر الهوية، من أصحاب المحلات والمؤسسات والمراكز التجارية الذين يضعون كلمات إعلانية بالفرنسية و ليس العربية والمازيغية، سيرا على نهج جان دارك وليس نهج العربي بن مهيدي وخدمة للغة فولتير وليس لغة ابن باديس.
تحسن شوارعنا خيانة الشهداء، وهي تحب التشبه بشوارع باريس ومارسيليا ونانت وسانت تيان وتولوز (...) في اللافتات فقط،(بطبيعة الحال ليس في الجمال والنظافة و سلوك أهلها المتمدن المتحضر؟؟) وإني أحلم بيوم تنهض فيه الأمة الجزائرية على صباح تكون فيه اللغة العربية واللغة المازيغية في كل لافتة في الشوارع والأزقة في مدننا، وتكون الوثائق متوفرة أمام الجزائريين في المؤسسات البنكية و المالية بلغة الهوية الجزائرية وليسس بهوية أخرى.
وكيف لا تكون فرنسنا محتلة لنا ، ونحن نشاهد ونسمع رئيس اتحادية كرة القدم لم ينطق حرفا عربيا او مازيغيا في آخر ندواته الصحفية، وتجلت الكارثة عندما نقلت كل القنوات الجزائرية كلامه على المباشر في حصة زمنية كبيرة، لدرجة شككت فيها أني أمام قنوات جزائرية الإنسان واللسان؟؟
ليعذرني آبائي وأجدادي المجاهدين، ففرنسا لن تأتينا هذه المرة من الحدود فوق دباباتها، بل ستدخل أرضنا وفكرنا ولساننا بلغتها وثقافتها، وستفرض علينا سياساتها الاقتصادية وقناعاتها السياسية وطموحاتها البترولية و الفلاحية و التجارية من خلال رضوخنا اللغوي ، وقد تغير- ياسادتي المجاهدين الشرفاء- مفهوم الاستقلال فلم يعد يقتصر على الاستقلال السياسي فقط، فهو يشمل الاستقلال الثقافي والحضاري و اللغوي عن المحتل.
قد تكون التحديات والرهانات التي تنتظر الجزائر كثيرة متعددة، وقد تكون لقمة الخبز قد أنستنا الكثير من أوراق هويتنا ومرجعيتنا الوطنية، لكن مجد الشهداء وذاكرتهم لن ترحمنا، ويجب أن يتوقف اللعب بالمسألة اللغوية عند من يشرف على شؤون الجزائر في الحكومة والبرلمان وفي كل مستوى سياسي، و إلا تحولنا لمضحكة دولية ومسخرة في محفل الدول...
في الختام
لن نقبل هذا لوطن أنجب أمثال الأمير عبد القادر، زيغود يوسف، ابن باديس، البشير الابراهيمي،هواري بومدين، مفدي زكرياء،.... والوطنيون المخلصون لن يسمحوا للمحتل الغاشم أن يعيد كتابة تاريخه البشع الهمجي بوسائل وأدوات استعمارية جديدة ناعمة... وعلى وزرائنا أن يفهموا المعادلة بعمق، ويجب معاقبتهم ماليا (بوضع قوانين عقابية جديدة تحترم نصوص الدستور حول اللغة الرسمية)، أو بالعزل عند الحديث للشعب او للعالم بغير العربية أو المازيغية.
فهل فهمت أيها القارئ الآن لماذا قلت " بلا دبابة ..فرنسا تحتلنا"؟؟؟ و اللهم أحفظ الجزائر ووفقنا للوفاء بعهود الشهداء
شوهد المقال 2671 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك