فرحات آيت علي ـ معضلة التزلف و المتزلفين و مسؤوليتهم الأخلاقية و الجنائية في كونهم سند للمفسدين

فرحات آيت علي
كل ما تطرقنا الى ملف نرى أن فيه شبهة فساد او حتى عدم نجاعة و جدية في دراسة وترتيب المشروع الكامن في طياته، يخرج علينا سرب من ذباب العربات على ذكر الشاعر الفرنسي "لا فونتان"، ينافحون و يزايدون بدون حجة أو بحجج واهية و بدائيه على إظهار جديته، و خاصة جدية القائمين عليه، وذلك هو لب اهتماماتهم في الحقيقة.
هده الفصيلة من ارذل الخلق لا تحاجج لمشروع ما و هي أصلا لم تفهم لا المشروع و لا انتقاده و لا يهمها ذلك، بل تناضل من اجل تقديم القائمين عليه على غير صورتهم و نواياهم على غير الظاهر من الملف.
و الهدف الاكثر خبثا، هو انها تريد ايصال صوتها كسند مرتجل لمن لم يطلب ذلك السند أصلا و هو على قناعة انه ليس بحاجة إليه بحكم مركز وصل اليه بالتزلف أيضا، وهو يعلم دوافع تلك الفصيلة بحكم الانتماء إليها.
المأساة الكبرى في تصرف تلك الأشكال البشرية، انها لا تعير ادنى اهتمام لمسؤوليتها الأخلاقية و الجنائية في حقيقة الأمر لما ستؤول اليه الأمور عندما تكتمل كل اركان الجريمة و تتجلى نتائجها على باقي الخلق بصفة تبدأ بنهب اموالها و مصادرة حقوقها في العيش الكريم و تصل الى القتل الغير العمدي في ظاهر الامور و العمدي في حقيقة الأمر.
و الحقيقة ان كل من يساند امرا او طرفا ما في كل مسعى فاسد عن علم او بدون علم ( الحديث بدون علم قمة الفساد الأخلاقي)، مشارك بصفة فعالة و لو هامشية في مشروع ذات ابعاد اجرامية و مشترك اخلاقيا في تبعاته مهما كانت.
فمن يتزلف بتضليل الرأي العام في نجاعة مشروع يأتي على الملايير دون جدوى مشارك في كل دينار اختفى ولو لم يجني منها غير لعنة الضحايا و كل من يقوم بذلك لمساندة طرف جاني في حق الوطن بحكم منصبه، او لدوافع قبلية او لمجرد التزلف شرك في التستر على مجرم.
وكل من ينافح على انجازات و كفاءات وهمية بدواعي الوطنية الزائفة ويختفي عندما تبدأ بوادر الكوارث في الظهور و الضحايا تحسب بالوحدات أو بالآلاف مجرم بكل معنى الكلمة.
التزلف ليس فقط صفة ذميمة لا تلم غير صاحبها بل هي مشارك في التضليل و التمويه على مشاريع و أطراف و على نواياها الحقيقية، لا تقل خطورة و لا مسؤولية على ما تقترفه الأطراف الرئيسة في الملف.
لو كانت المسؤولية الجزائية للمتزلفين و المدافعين عن الملفات نفس مسؤولية المنتقدين الذين تفع عليهم الحجة في الإدعاء لما تجرأ أي شيات بالفطرة الإدلاء بحرف واحد في مساندة سيده المعوم و لا في التهجم على كل منتقد له.
لعل اخطر انواع العبيد النوع الذي اذن له بالكلام، لتكريس العبودية كأمر قائم و منطقيي و بتبرير وضعيته البائسة بكل انواع المبررات ، بما فيها الدين المفسر بطريقة العبد المطيع لله بطاعة العصابات القائمة مهما كانت و ما دامت قائمة تحت مسمى ولاة الأمور و الانقلاب عليها عند السقوط لمبايعة عصابة اخرة تحت مسمى الإمام الغالب. بتبني مبدأ الغلبة كتكريس لحق مشيئة السماء.
وتلك نوعية من مساندة المتمكنين في الحكم في كل مساعيهم و من طرف كل الامة بامر من السماء لا يفقهه الى الراسخين في العلم بالسطو و السطوة.
اما باقي الاشكال فيستجده يتغلف بالوطنية تارة و الجرأة في كل الاحوال لتحوير الحقائق و تفسير الغرائب على اهواءه و اهواء من يتزلف لهم.
في يوم ما تكلمنا على عدم نجاعة ترك مسؤولين عسكريين في اقاليم جغرافية لفترات تفوق المعقول و تجعل ابنائهم يكبرون و يتربون فيها كابناء البايات في العهد العثماني، الى حد تطبيع فسادهم او افسادهم من طرف متزلفي و محتالي المنطقة خدمة لأغراض تمس بمصالح باقي المواطنين و حقوقهم، و اقترحنا تخصيص تلك المناصب لمن اقتريوا من التقاعد لفترات لا تتعدى الاربعة سنوات غير قابلة للتجديد.
فهجم علينا محترف في الشيتة دون فائدة مادية تذكر بحكم انه في يوم ما عاش تحت سطوة الثكنة الى حد العشق في ما ليس له فيه باع، و لم ينتقد صلب الموضوع بل اسلوب الكتابة، كالكلب الذي ينبح على ارجل الناس دون الوصول الى حناجرها لقصر قامته و قلة حيلته.
و ها الأيام اظهرت ان القيادة التي كان يتزلف لها ذهبت في الاتهامات الى ابعد مما قلناه و حتى ما تصورناه، ولم تراعي لا سمعة المؤسسة و لا البلد، لخطورة ما كانت عليه الأمور تحت هتافات المتزلفين.
بالطبع لن يجد ضحايا هذه المذبحة في صفوف اصحاب السطوة لا ولي و لا نصيرا من المنافقين بالأمس القريب فقد ولت انظارهم الى من سيخلفونهم في المنصب و ذلك اخس من فطرة الكلاب التي لا تنقلب على اوليائها و لو ماتوا.
أما من يتزلفون لوالي او وزير او رجل اعمال أو مغامر مغمور ، و لا يأتون و لو بحجة واحدة في الدفاع عنه و عن ولائهم المشبوه فبوادر الكوارث التسييرية تظهر في كل مكان و في كل يوم و ليعلموا انهم يتحملون كل المسؤولية في كل ما دافعو عليه من متاهات و مشاريع كارثية بعلم او بدون علم.
ولو ان شجاعتهم الشخصية المنعدمة لا تخدم اصحابهم الوهميين، ففي اغلب الحالات لا يجرؤون حتى على وضع اسمائهم في الواجهة من كثرة ثقتهم فيما يفعلون و في مساندة اسيادهم اذا احتدمت الأمور.
لعل العدالة في سير الحياة تقضي بأن الرجال تجد الحلفاء ولو على قلتهم في كل الأحوال و الباحثين على السطوة بحكم المنصب لا يجدون غير اقرانهم و اقل منهم في الدفاع عنهم حيث لا يحتاجون مساندة في عز سطوتهم، و لا يجدون كلبا ينبح لصالحهم عندما تدور عقارب الساعة الى عكس ما كانت تظهر.
الأيام بيننا فمن هو على حق لا يهمه الطرف المنتصر بقدر ما يهم لأي مبدأ انتصر فإن كان على حق فلا يحتاج تزلف احد له ، وإن كان على باطل فلن يجد الا من هم على باطل في صفه و يكمل مشواره العبثي إلا نهاية حتمية و مشؤومة.
ومن فطر على النفاق و التملق ، فلا عزاء له ،فإن انتصر الحق فلا حاجة له بتملق اصحاب الباطل ، و إن انتصر الباطل فهو بطبعه لا يراعي مشاعر كلابه.
وتبقى فصيلة النفاق و الرياء في مقدمة الفصائل الأكثر مسؤولية على تخلف و تفسخ الامم و الدول منذ نشأة البشرية ، ولو قمعت في اي مجتمع لزادت الحظوظ في نهضته كل يوم.
شوهد المقال 2130 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك